الحمد لله. "الحكمة من الطواف بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) فالطائف الذي يدور على بيت الله تعالى يقوم بقلبه من تعظيم الله تعالى ما يجعله ذاكراً لله تعالى ، وتكون حركاته بالمشي والتقبيل واستلام الحجر والركن اليماني والإشارة إلى الحجر ذكراً لله تعالى لأنها من عبادته ؛ وكل العبادات ذكر لله تعالى بالمعنى العام ، وأما ما ينطق به بلسانه من التكبير والذكر والدعاء فظاهر أنه من ذكر الله تعالى.
وأما تقبيل الحجر فإنه عبادة حيث يقبل الإنسان حجراً لا علاقة له به سوى التعبد لله تعالى بتعظيمه ، واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، كما ثبت أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال حين قَبَّل الحجر : (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) .
أما ما يظنه بعض الجهال من أن المقصود بذلك التبرك به فإنه لا أصل له ، فيكون باطلاً .
وأما ما أورده بعض الزنادقة من أن الطواف بالبيت كالطواف على قبور أوليائهم وأنه وثنية ، فذاك من زندقتهم وإلحادهم ، فإن المؤمنين ما طافوا به إلا بأمر الله ؛ وما كان بأمر الله فالقيام به عبادة لله تعالى .
ألا ترى أن السجود لغير الله شرك أكبر ، ولما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم كان السجود لآدم عبادة لله تعالى وكان ترك السجود له كفراً .
وحينئذ يكون الطواف بالبيت عبادة من أجل العبادات ، وهو ركن في الحج ، والحج أحد أركان الإسلام . ولهذا يجد الطائف بالبيت إذا كان المطاف هادئاً من لذة الطواف وشعور قلبه بالقرب من ربه ما يتبين به علو شأنه وفضله والله المستعان" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله . "فتاوى العقيدة" (ص 28، 29) .
مصدر المقال: موقع الإسلام سؤال وجواب